صورة

دائما تردد بنبرة فوقية “العرب متخلفون” في كل مناسبة , وتقوم بتكرار الأسطوانة ذاتها في كل مرة  ” لا يوجد مخترعون ولا علماء ولا مميزون عرب” ثم تسترسل بسؤالها المعهود ” كم عدد العرب الذين حصدوا جوائز في جميع المجالات؟ ” ثم تختم حديثها “هؤلاء العرب لا أمل منهم”.

فسألتها مرة : ما سبب تخلف العرب في نظرك هل الشعوب أم الحكومات ؟

فردت بكل ثقة : بالتأكيد الشعوب… فالحكومات اتخذوها شماعة لتقصيرهم وكسلهم وفشلهم.

فسألتها : إذاً كم عدد اختراعاتك والجوائز التي حصدتيها ؟ ولماذا لا أرى أسم أحد أبنائك من بين المخترعين والعلماء ؟

فتلعثمت وسكتت.

فقلت : كم أنت عظيم أيها العربي  … منذ أن فتحت عينيك على الدنيا  وأنت تحمل هم القضية الفلسطينية  وتحمل في داخلك الإحساس بالعار لعجزك عن حماية الأطفال الأبرياء الذين تشاهدهم على نشرة الأخبار … فتكبر ويكبر معك الإحساس بالذنب و تأنيب الضمير … وما يزيد من آلامك  ديون والدك التي لا يستطيع تسديدها والفتاة التي لا يمكنك الزواج منها والمنزل والسيارة التي تعجز عن امتلاكهما, فتتخبط يا عربي بين قضايا الأمة المؤلمة وقضاياك الخاصة المحبطة .

ويظل العربي يحمل ذلك الأمل بأن الأيام القادمة ستحمل له بعض الفرح … فتحتل أفغانستان ثم العراق فتصحو يا عربي كل يوم على صور دماء إخوتك في كل مكان ومع ذلك تحاول أن ترسم ابتسامة على شفتيك لتشعر أنك مازلت إنسان.

كم أنت عظيم يا عربي …  تعيش في ظروف غير طبيعية وتحاول جاهداً أن تعيش بشكل طبيعي … مثل الطفل الذي يملأ جسده أثار الضرب ولباسه أثار الحرمان .. ثم يحاول أن ينفض بعض الأتربة عن يديه ووجهه ويلعق أصابعه ليصفف بها شعره  ليقول لبقية الأطفال أنظروا أنا مثلكم شاركوني اللعب .

 ثم أتى الربيع العربي يختال ضاحكا .. وأخذته يا عربي في الأحضان.. وظننت أن اللحظة قد حانت  لتطوي تلك الصفحة السوداء من التاريخ ولتصرخ بأعلى صوتك  للعالم نحن العرب قادموووون ….  ليصفعك الربيع بالمزيد من الدماء والمزيد من الظلم والمزيد من الاستبداد ….

وكأن كل ذلك لا يكفي العربي بل لنذكره ليلاً نهاراً كم هو متخلف وكيف سبقوه الغرب بمسافات ثم نعقد مقارنات ظالمة  وكأن الذنب ذنبه وكأنه هو من نهب الثروات …

ثم تتحدث هي عن الاختراعات !

 بل لنتحدث عنها جميعاً نحن البرجوازيون ..

لنرتشف الشاي ونحن نتابع مجازر بشار ثم انغرد كم هم العرب متخلفون..

لا عليك يا عربي … فكم أنت عظيم  رغم أنف الجميع …. رغم أنف الجميع